دعاء يقال عند المصائب
دعاء عند المصيبة |
سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: ما مِن عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ: {إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:156]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها، إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ له خَيْرًا منها. قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ.
الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 918 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث
هذا الحَديثُ تَوجيهٌ وإِرشادٌ نَبويٌّ لِلمسلمينَ أنْ يُسلِّموا أَمرَهم للهِ عندَ نُزولِ المَصائبِ بهِم وأنْ يَلجَؤوا إلى حَولِه وقُوَّتِه سُبحانَه؛ فهوَ المُقدِّرُ وهوَ مِن عندِه العِوَضُ.قَولُه: "ما مِن مُسلمٍ تُصيبُه مُصيبةٌ" بمعنى تُصيبُه أيُّ مُصيبةٍ كانت، "فَيقولُ ما أَمرَه اللهُ بهِ"، أي: فَيقولُ ما أَمرَه اللهُ بهِ عندَ نُزولِ المَصائبِ مَع الصَّبرِ وعَدمِ الجَزعِ مثلُ أنْ يَقولَ: "إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعون"، أي: إنَّ ذَواتَنا وجَميعَ ما يُنسَبُ إِلينا للهِ مُلكًا وخَلقًا، وإنَّا إِليه راجِعون في الآخرَةِ، ثُمَّ يَدعو صاحبَ المُصيبةِ بقَولِه: "اللَّهمَّ أْجُرْني"، أيِ: اللَّهمَّ أَعطني الأجرَ والجزاءَ والثَّوابَ "في مُصيبَتي"، "واخلُفْ لي خيرًا مِنها"، أيِ: اجعَلْ لي خَلفًا ممَّا فاتَ عَنِّي في هَذه المُصيبَةِ خيرًا منَ الفائتِ فِيها.
تَقولُ أمُّ سَلمةَ: "فلمَّا ماتَ أَبو سلمَةَ"، تَعني زَوجَها عبدَ اللهِ بنَ عبدِ الأَسدِ المَخزوميَّ "قُلتُ"، أي: قُلتُ في نَفسي أو باللِّسانِ تَعجُّبًا:"أيُّ المسلمينَ خيرٌ مِن أَبي سلمَةَ؟!"، تَعجَبُ مِن تَنزيلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إلَّا أَخلفَ اللهُ خيرًا" مِنها عَلى مُصيبَتِها استِعظامًا لأبي سَلمَةَ عَلى زَعمِها وفي ظَنِّها، ثُمَّ بَيَّنت خَيريَّةَ أَبي سَلمةَ في أنَّ بيتَه "أَوَّلُ بيتٍ هاجرَ"، أي: هوَ أَوَّل مَن هاجرَ مَع عِيالِه، وتَكونُ بذلكَ قد تَعجَّبت لاعتقادِها أنَّه لا أَفضلَ مِن أَبي سلمَةَ، ولَم تَطمعْ أن يَتزوَّجَها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فهوَ خارجٌ مِن هذا العُمومِ، والظَّاهرُ أنَّ الخيريَّةَ بالنِّسبةِ إليها وَباعتِبارِ نَفسِها.
وبَعدَ تَعجُّبِها استَجابت لأَمرِ رَسولِ اللهِ، "ثُمَّ إِنِّي قُلتُها"، أي: كَلمةُ الِاسترجاعِ والدُّعاءُ المَذكورُ بَعدها، "فأَخلَف اللهُ لي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: بأنْ جَعلَني زَوجتَه، وَكان عِوضًا خيرًا لي مِن زَوجي أَبي سلمَةَ.
ثُمَّ ذَكرتْ أُمُّ سلمةَ كيفَ كانت خِطبتُها مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وَماذا طَلبتْ فَقالت: أَرسلَ إِليَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حاطبَ بنَ أَبي بَلتعةَ يَخطِبُني لَه، فقُلتُ: إنَّ لي بنتًا وأنا غيورٌ، فَقال: أمَّا ابنتُها فنَدعو اللهَ أن يُغنِيَها عنها، وأدْعو اللهَ أنْ يُذهِبَ بالغَيرةِ"، وقَولُها: " وأَنا غَيورٌ" ؛ أي: كَثيرةُ الغَيْرةِ، والمُرادُ بالغَيرةِ الَّتي وَصفَت بِها نَفسَها أنَّها تَغارُ إذا تَزوَّجَ زَوجُها امرأةً أُخرى، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قد كان لَه زَوجاتٌ قَبلَها، وقدْ كانَ لَها ما طَلبتْ، وَكان مِن بَركةِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَها أنْ أغْنَى اللهُ ابنَتَها عَنْها، وذَهبتِ الغَيرةُ مِن صَدرِها.
وفي الحَديثِ: الأَمرُ بالصَّبرِ عَلى المَصائبِ وعَدمِ الجَزعِ.
وَفيهِ: التَّوجُّهُ بالدُّعاءِ إلى اللهِ في المُلمَّاتِ لأنَّ عندَه العِوضَ.
وَفيه: ضَرورةُ امثِتالِ المُؤمنِ لأمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وإنْ لم تَظهرْ لَه الحِكمةُ مِن أَمرِه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق